فصل: الطرف الأول في الشراب الموجب للحد

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: روضة الطالبين وعمدة المفتين **


 باب قطاع الطرق

فيه أطراف

 الطرف الأول في المعتبر فيه

وتعتبر فيهم الشوكة والبعد عن الغوث وأن يكونوا مسلمين مكلفين فالكفار ليس لهم حكم القطاع وإن أخافوا السبيل وقيل والمراهقون لا عقوبة عليهم ويضمنون المال والنفس كما لو أتلفوا في غير هذا الحال وأما الشوكة فقطاع الطريق طائفة يترصدون في المكامن للرفقة فإذا رأوهم برزوا قاصدين الأموال معتمدين في ذلك على قوة وقدرة يتغلبون بها وفيهم شرعت العقوبات الغليظة التي سنصفها إن شاء الله تعالى وأما الذين لا يعتمدون قوة ولكن ينتهزون ويختلسون ويولون معتمدين على ركض الخيل أو العدو على الأقدام كما يتعرض الواحد والنفر اليسير لأخذ القافلة فيسلبون شيئاً فليسوا بقطاع وحكمهم في الضمان والقصاص حكم غيرهم ولو خرج واحد أو شرذمة يسيرة فقصدهم جماعة يغلبونهم بقوتهم فهم قطاع وإن لم يكثر عددهم لاعتمادهم على الشوكة والنجدة بالإضافة إلى الواحد والشرذمة كذا نقله الإمام عن طرق الأصحاب ويقرب منه ما ذكره ابن كج أنه لو أقام خمسة أو عشرة في كهف أو شاهق جبل فإن مر بهم قوم لهم شوكة وعدة لم يتعرضوا لهم وإن مر قوم قليلو العدد قصدوهم بالقتل وأخذ المال فحكمهم حكم قطاع الطريق في حق الطائفة اليسيرة وإن تعرضوا للأقوياء وأخذوا شيئاً فهم مختلسون ورأى الإمام أن يفصل القول في الرفقة اليسيرة والواحد فيقال إن كان خروجهم في مثل ذلك الطريق يعد تضييعاً وتغريراً بالنفس والمال فالمتعرضون لهم ليسوا بقطاع وينزل خروجهم في هذه الحالة كترك المال في موضع لا يعد حرزاً وأقام الإمام ما رآه وجهاً ولو كانت الرفقة يتأتى منهم دفع القاصدين ومقاومتهم فاستسلموا حتى قتلوا وأخذت أموالهم فالقاصدون لهم ليسوا بقطاع لأن ما فعلوه لم يصدر عن شوكتهم بل الرفقة ضيعوا هكذا أطلقه الأصحاب ويجوز أن يقال ليست الشوكة مجرد العدد والعدة بل تحتاج مع ذلك إلى اتفاق كلمة ومتبوع مطاع وعزيمة على القتال واستعمال السلاح والقاصدون للرفقة هكذا يكونون في الغالب والرفقة لا تجتمع كلمتهم ولا يضبطهم مطاع ولا عزم لهم على القتال وخلوهم عن هذه الأمور يوقعهم في التخاذل لا عن قصد منهم فينبغي أن لا يجعلوا مضيعين ولا يخرج قاصدوهم عن كونهم قطاعاً ولو أن الرفقة قاتلوهم ونالت كل طائفة من الأخرى فهل هم قطاع فيه احتمالان للإمام أصحهما نعم وبه جزم الغزالي وأما البعد عن الغوث فإنما اشترط ليمكنهم الاستيلاء والقهر مجاهرة وذلك إنما يتحقق غالباً في المواضع البعيدة عن العمارة ولو خرج جماعة في المصر فحاربوا أو أغار عسكر على بلدة أو قرية أو خرج أهل أحد طرفي الجلد على الطرف الآخر وكان لا يلحق المقصودين غوث لو استغاثوا فهم قطاع طريق وإن كان يلحقهم غوث فهم منتهبون ليسوا قطاعاً وامتناع لحاق الغوث لضعف السلطان أو لبعده وبعد أعوانه وقد يغلب أهل الفساد في مثل هذه الحالة فلا يقاومهم أهل العفة وتتعذر عليهم الاستغاثة ولو دخل جماعة بالليل دارا وكابروا ومنعوا أصحاب الدار من الاستغاثة مع قوة السلطان وحضوره فالأصح أنهم قطاع وبه قطع القفال والبغوي والثاني أنهم سراق والثالث مختلسون‏.‏

فرع لا يشترط في قطاع الطريق الذكورة بل لو اجتمع نسوة لهن شوكة وقوة فهن قاطعات طريق ولا يشترط أيضاً شهر السلاح بل الخارجون بالعصي والحجارة قطاع وذكر الإمام أنه يكفي القهر وأخذ المال باللكز والضرب بجمع الكف وفي التهذيب نحوه وكلام جماعة يقتضي أنه لا بد من آلة ولا يشترط العدد بل الواحد إذا كان له فضل قوة يغلب بها الجماعة وتعرض للنفوس والأموال مجاهراً فهو قاطع طريق‏.‏

 الطرف الثاني في عقوبتهم

فإذا علم الإمام من رجل أو من جماعة أنهم يترصدون للرفقة ويخيفون السبيل ولم يأخذوا بعد مالاً ولا قتلوا نفساً طلبهم وعزرهم بالحبس وغيره قال ابن سريج والحبس في هذه الحال في غير موضعهم أولى لأنه أحوط وأبلغ في الزجر والإيحاش وإن أخذ قاطع من المال قدر نصاب السرقة قطعت يده اليمنى ورجله اليسرى فإن عاد مرة أخرى قطعت يده اليسرى ورجله اليمنى وإنما يقطع من خلاف لئلا يفوت جنس المنفعة وسواء كان النصاب لواحد أو لجماعة الرفقة كما سبق في السرقة وإن كان المأخوذ دون نصاب فلا قطع وقال ابن خيران فيه قولاًن كالقولين في قتل قاطع الطريق هل تعتبر فيه الكفاءة لأنه فارق السرقة في اشتراط الحرز فكذا في النصاب والمذهب الأول لقوله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ القطع في ربع دينار فصاعداً ‏"‏ وما ادعاه في الحرز ممنوع بل الذي قاله الأصحاب أنه لو كان المال ضائعاً تسير به الدواب بلا حافظ فلا قطع ولو كانت الجمال مقطورة ولم تتعهد كما شرطنا فيها لم يجب القطع وإن قتل قاطع الطريق قتل وهو قتل متحتم ليس سبيله سبيل القصاص وإن جمع بين القتل وأخذ المال قتل وصلب ويعتبر في المال كونه نصاباً ويجيء فيه خلاف ابن خيران هذا هو المذهب وخرج ابن سلمة قولاً أنه تقطع يده ورجله ويقتل ويصلب وحكى صاحب التقريب قولاً أنه إن قتل وأخذ نصاباً قطع وقتل ولم يصلب وإن قتل وأخذ دون نصاب لم يقطع بل يقتل ويصلب وفي كيفية القتل والصلب ذا اجتمعا قولان أظهرهما يقتل ثم يصلب وعلى هذا كم يترك مصلوباً وجهان أصحهما وهو نصه ثلاثاً فإذا مضى الثلاث وسال صليبه وهو الودك أنزل وإلا فوجهان أحدهما لا ينزل بل يترك حتى يسيل صليبه وأصحهما ينزل ويكفي ما حصل من النكال ولو خيف التغير قبل الثلاث هل ينزل وجهان أصحهما نعم وبه قال الماسرجسي وغيره والوجه الثاني من الأصل يترك مصلوباً حتى يسيل صديده ويتهرأ ولا ينزل بحال والوجهان متفقان على أن يصلب على خشبة ونحوها وهو الصحيح وعن ابن أبي هريرة أنه يطرح على الأرض حتى يسيل صديده قال الإمام وذكر الصيدلاني أنه يترك حتى يتساقط وفي القلب منه شيء فإني لم أره لغيره وإذا قلنا ينتظر سيلان الصليب لم نبال نتنه ولفظ البغوي في حكاية وجه ابن أبي هريرة أنه يترك حتى يسيل صديده إلا أن يتأذى به الأحياء وما ذكره الإمام أقرب إلى سياق ذلك الوجه‏.‏

والقول الثاني في كيفية القتل أنه يصلب حياً ثم يقتل وعلى هذا كيف يقتل أيترك بلا طعام وشراب حتى يموت أم يجرح حتى يموت أم يترك مصلوباً ثلاثاً ثم ينزل ويقتل فيه أوجه ويعرف بهذا أن الصلب على هذا القول يراد به صلب لا يموت منه وتقدم في كتاب الجنائز حكم الصلاة عليه وأن الخلاف السابق في إنزاله عن الخشبة بعد ثلاث وتركه جار تفريعاً على القول الثاني أما إذا لم يأخذ مالاً ولا قتل ولكن كثر جمع القاطعين وكان ردءاً لهم وأرغب الرفقة عليه كما لا حد في مقدمات الزنى ولو أخذ بعضهم أقل من نصاب فكذلك الحكم إذا شرطنا النصاب ولا يكمل نصابه بما أخذه غيره وفيما يعاقب به الردء وجهان أصحهما يعزره الإمام باجتهاده بالحبس أو التغريب أو سائر وجوه التأديب كسائر المعاصي والثاني يغربه بنفيه إلى حيث يرى وليختر جهة يحف بها أهل النجدة من أصحاب الإمام وإذا عين صوباً منعه العدول إلى غيره وعلى هذا هل قلت الأصح أنه إلى رأي الإمام وما اقتضته المصلحة والله أعلم‏.‏

فرع من اجتمع عليه قتل وصلب فمات فهل يجب صلبه وجهان أحدهما نعم لأن القتل والصلب مشروعان تعذر أحدهما فوجب الآخر والثاني لا وبه قال الشيخ أبو حامد وينسب إلى النص لأنه تابع للقتل فسقط بسقوط المتبوع‏.‏

 الطرف الثالث في حكم هذه العقوبة

وهو أمران الأمر الأول السقوط بالتوبة وقد سبق أن قاطع الطريق إذا هرب يطلب ويقام ما يستوجبه من حد أو تعزير فلو تاب قبل القدرة عليه سقط ما يختص بقطع الطريق من العقوبات على المذهب وقيل قولان وإن تاب بعد القدرة لم يسقط على المذهب وقيل قولان وهل تؤثر التوبة في إسقاط حد الزنى والسرقة والشرب في حق غير قاطع الطريق وفي حقه قبل القدرة وبعدها فيه قولان سبقا الأظهر لا يسقط صححه الإمام والبغوي وغيرهما وهو منسوب إلى الجديد لإطلاق آية الزنى وقياساً على الكفارة قلت رجح الرافعي في المحرر منع السقوط وهو أقوى والله أعلم‏.‏

ثم ما يسقط بالتوبة في حق قاطع الطريق قبل القدرة يسقط بنفس التوبة وأما توبته بعد القدرة وتوبة الزاني والسارق فوجهان أحدهما كذلك ويكون إظهار التوبة كإظهار الإسلام تحت السيف والثاني يشترط مع التوبة إصلاح العمل ليظهر صدقه فيها ونسب الإمام هذا الوجه إلى القاضي حسين والأول إلى سائر الأصحاب والذي ذكره جماعة من العراقيين والبغوي والروياني هو ما نسبه إلى القاضي واحتجوا بظاهر القرآن قال الله تعالى في قطاع الطريق ‏"‏ إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم ‏"‏ لم يذكر غير التوبة وقال في الزنى ‏"‏ فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما ‏"‏ وفي السرقة ‏"‏ فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح ‏"‏ قال الإمام معرفة إصلاح العمل بأن يمتحن سراً وعلناً فإن بدا الصلاح أسقطنا الحد عنه وإلا حكمنا بأنه لم يسقط قال الإمام وهذا مشكل لأنه لا سبيل إلى حقيقته وإن خلي فكيف يعرف صلاحه ويشبه أن يقال تفريعاً على هذا إذا أظهر التوبة امتنعنا من إقامة الحد فإن لم يظهر ما يخالف الصلاح فذاك وإن ظهر أقمنا عليه الحد وقد ذكرنا في باب حد الزنى في موضع القولين في سقوط الحد بالتوبة طريقين أحدهما تخصيصهما بمن تاب قبل الرفع إلى القاضي فإن تاب بعد الرفع لم يسقط قطعاً والثاني طردهما في الحالين وقد يرجع هذا الخلاف إلى أن التوبة بمجردها تسقط الحد أم يعتبر الإصلاح إن اعتبرناه اشترط مضي فرع توبة قاطع الطريق قبل القدرة إذا تاب قاطع الطريق قبل القدرة فإن كان قد قتل سقط عنه انحتام القتل فللولي أن يقتص وله العفو هذا هو المذهب وفيه وجه شاذ يسقط القصاص فلا يبقى عليه شيء أصلاً وحكي وجه أنه يسقط بالتوبة القصاص وحد القذف لأنهما يسقطان بالشبهة كحدود الله تعالى ونقله ابن القطان في القذف قولاً قديماً وليس بشيء وإن كان قد قتل وأخذ المال سقط الصلب وانحتام القتل وبقي القصاص وضمان المال وفي القصاص ما ذكرنا وإن كان قد أخذ المال سقط قطع الرجل وكذا قطع اليد على المذهب‏.‏

الأمر الثاني في حكم قتله فإذا قتل قاطع الطريق خطأ بأن رمى شخصاً فأصاب غيره أو شبه عمد لم يلزمه القتل وتكون الدية على عاقلته وإن قتل عمداً فقد سبق أنه يتحتم قتله واختلفوا في حكم قتله فقالت طائفة وهو الأصح هذا قتل فيه معنى القصاص ومعنى الحدود لأنه في مقابلة قتل ولكن لا يصح العفو عنه ويتعلق استيفاؤه بالسلطان وما المغلب من المعنيين فيه قولان وقال آخرون هل يتمحض حقاً لله تعالى أم فيه أيضاً حق آدمي قولان أظهرهما الثاني ويقال على هذا القول أصل القتل في مقابلة منها لو قتل قاطع الطريق من لا يكافئه كابنه وعبد وذمي فإن لم يراع معنى القصاص وحق الآدمي قتلناه حداً ولم نبال بعدم الكفاءة وإن راعيناه لم نقتله به وأوجبنا الدية أو القيمة ولو قتل عبد نفسه فقال ابن أبي هريرة والقاضي حسين هو على الخلاف وقال أبو إسحاق لا يقتل قطعاً كما لا يقطع إذا أخذ مال نفسه واختاره الصيدلاني‏.‏

ومنها لو مات فإن راعينا القصاص أخذنا الدية من تركته وإلا فلا شيء فيها‏.‏

ومنها لو قتل في قطع الطريق جماعة فإن راعينا القصاص قتل بواحد وللباقين الديات فإن قتلهم مرتباً قتل بالأول ولو عفا ولي الأول لم يسقط ذكره البغوي وإن لم نراع القصاص قتل بهم ولا دية‏.‏

ومنها لو عفا الولي على مال إن راعينا القصاص سقط القصاص ووجب المال وقتل حداً كمرتد وجب عليه قصاص وعفي عنه وإن لم نراعه فالعفو لغو‏.‏

ومنها لو تاب قبل القدرة لم يسقط القصاص إن راعينا معناه ويسقط الحد وإلا فلا شيء عليه‏.‏

ومنها لو قتل بمثقل أو بقطع عضو فإن راعينا القصاص قتلناه بمثل ما قتل وإلا فيقتل بالسيف كالمرتد‏.‏

ومنها لو قتله شخص بغير إذن الإمام إن راعينا القصاص لزمه الدية لورثته ولا قصاص لأن قتله فرع إذا جرح قاطع الطريق جرحاً سارياً إذا جرح قاطع الطريق جرحاً سارياً فهو قاتل وقد سبق حكمه وإن جرح جرحاً واقفاً نظر إن كان مما لا قصاص فيه كالجائفة فواجبه المال ولا قتل وإن كان مما فيه قصاص كقطع يد ورجل قوبلت بمثله وهل يتحتم القصاص في الجراحة فيه أقوال أظهرها لا كما لا كفارة والثاني نعم والثالث يتحتم في اليدين والرجلين دون الأنف والأذن والعين وغيرها قال ابن الصباغ لو قطع يد رجل ثم قتله فإن قلنا الجراحة لا تتحتم فهو كما لو قطعه في غير المحاربة ثم قتله فيها وسيأتي إن شاء الله تعالى وإن قلنا يتحتم قطع ثم قتل ولو قطع في المحاربة وأخذ المال نظر إن قطع يمينه فإن قلنا لا يتحتم وعفا أخذ دية اليد وقطعنا يمين المحارب ورجله اليسرى حداً وإن لم يعف أو قلنا يتحتم قطعت يمينه بالقصاص وقطعت رجله حداً كما لو قطع الطريق ولا يمين له وإن قطع يساره فإن قلنا لا يتحتم وعفا أخذ الدية وقطعت يده اليمنى ورجله اليسرى وإن لم يعف أو قلنا بالتحتم قطعت يساره وتؤخر قطع اليمين والرجل اليسرى حتى تندمل اليسار ولا يوالى بين عقوبتين‏.‏

 فصل يوالى على قاطع الطريق بين قطع يده ورجله

لأن قطعهما عقوبة واحدة كالجلدات في الحد الواحد وإن كان مقطوع اليمين قطعت رجله اليسرى ولا تجعل اليد اليسرى بدلاً عن اليمنى فإن كان مفقود اليد اليمنى والرجل اليسرى قطعت يده اليسرى ورجله اليمنى ولو قطع يسار إنسان وسرق قطعت يساره قصاصاً وأمهل إلى الاندمال ثم تقطع يمينه عن السرقة ولا يوالى لأنهما عقوبتان مختلفتان وقدم القصاص لأن العقوبة التي هي حق آدمي آكد من التي هي حق الله تعالى لأنها تسقط بما لا تسقط به عقوبة الآدمي بخلاف الحقوق المالية فإن فيها ثلاثة أقوال في أنه يقدم حق الله تعالى أم الآدمي أم يستويان لاستوائهما في التأكد وعدم السقوط بالشبهة ولو وجب قطع اليد اليمنى والرجل اليسرى بقطع الطريق وقطع اليد اليسرى بقصاص قدم قطع اليسرى قصاصاً ثم يمهل إلى الاندمال ثم يقطع العضوان لقطع الطريق ولو استحقت يمينه بقصاص وقطع للطريق فإن عفا مستحق القصاص قطعت يمينه مع رجله اليسرى حداً وإلا فيقدم القصاص وتقطع الرجل اليسرى عن الحد وتقطع عقيب القصاص وقيل يمهل بها إلى الاندمال والأول أصح ولو استحقت يده اليمنى ورجله اليسرى بقصاص وقطع طريق نظر إن عفا مستحق القصاص قطع العضوان عن الحد وإن اقتص فيهما سقط الحد لفوات محله الذي تعلق به ولو قطع العضوين في قطع الطريق وأخذ المال فإن قلنا الجراحة في قطع الطريق لا تتحتم فهو كما لو قطع العضوين في غير المحاربة وقطع أيضاً الطريق وإن قلنا تتحتم قطعناهما قصاصاً وسقط الحد كذا ذكره الشيخ أبو حامد وابن الصباغ وغيرهما وسووا بين قطع العضوين قبل أخذ المال وبعده قال صاحب المهذب إن قلنا بالتحتم فإن تقدم أخذ المال واقتص في العضوين سقط الحد وإن تقدم قطع العضوين ثم أخذ المال لم يسقط بالقصاص حد قطع الطريق بل تقطع يده اليسرى ورجله اليمنى‏.‏

 فصل اجتمع عليه عقوبات آدميين

كحد قذف وقصاص عضو وقصاص نفس فإن حضر المستحقون وطلبوا حقوقهم جميعاً جلد ثم قطع ثم قتل ويبادر بالقتل بعد القطع ولا يبادر بالقطع بعد الجلد إن كان مستحق القتل غائباً لأنه قد يهلك بالموالاة فيفوت قصاصه وإن كان حاضراً وقال عجلوا القطع وأنا أبادر بالقتل بعد القطع فوجهان أحدهما يبادر لأن التأخير كان حقه وقد رضي بالتقديم وأصحهما المنع خوفاً من هلاكه بالموالاة ورأى الإمام تخصيص الوجهين بمن خيف موته بالموالاة بحيث يتعذر قصاص النفس لانتهائه إلى حركة المذبوح ورأى الجزم بالمبادرة إذا أمكن استيفاء القصاص بعد القطع أما إذا لم يجتمعوا على الطلب فإن أخر مستحق النفس حقه جلد فإذا برأ قطع وإن أخر مستحق الطرف حقه جلد ويتعذر القتل لحق مستحق الطرف وعلى مستحق النفس الصبر حتى يستوفي مستحق الطرف حقه قال الغزالي ولو مكن مستحق النفس من القتل وقيل لمستحق الطرف بادر وإلا ضاع حقك لفوات محله لم يكن بعيداً ولو بادر مستحق النفس فقتله كان مستوفياً حقه ورجع مستحق الطرف إلى الدية ولو أخر مستحق الجلد حقه فقياس ما سبق أن يصبر الآخران وإذا اجتمع عليه حدود قذف لجماعة حد لكل واحد حداً ولا يوالي بل يمهل بعد كل حد حتى يبرأ هكذا ذكره البغوي وغيره لكنه سبق في القصاص أنه يوالى بين قطع الأطراف قصاصاً وقياسه أن يوالى بين الحدود وذكروا تفريعاً على الأول الوجهين فيما لو وجب على عبد حدان لقذف شخصين هل يوالى أصحهما عند البغوي لا لأنهما حدان والثاني نعم لأنهما كحد حر قال الروياني هذا أقرب إلى المذهب وأما ترتيب حدود القذف فينبغي أن يقال إن قذفهم مرتباً حد للأول فالأول وإن قذفهم بكلمة وقلنا بالأظهر إنه يتعدد الحد أقرع‏.‏

فرع اجتمع عليه حدود لله تعالى بأن شرب وزنى وهو بكر وسرق ولزمه قتل بردة قدم الأخف فالأخف وتجب رعاية هذا الترتيب والإمهال سعياً في إقامة الجميع وأخفها حد الشرب ثم يمهل حتى يبرأ ثم يجلد للزنى ويمهل ثم يقطع فإذا لم يبق إلا القتل قتل ولم يمهل وحكى أبو بكر الطوسي وجهاً أنه إذا كان فيها قتل يوالى بلا إمهال والصحيح الأول وبه قطع الجمهور ولو اجتمع معها أخذ مال في محاربة قطعت يده ورجله بعد جلد الزنى وهل يوالى بين قطع اليد والرجل أم يؤخر قطع الرجل حتى تندمل اليد وجهان أحدهما يؤخر لأن اليد مقطوعة عن السرقة والرجل عن المحاربة ولا يوالى بين حدين وأصحهما وهو المنصوص يوالى لأن اليد تقع عن المحاربة والسرقة فصار كما لو انفردت المحاربة ولو اجتمعت عقوبات لله تعالى ولآدمي بأن انضم إلى هذه العقوبات حد قذف قدم حد القذف على حد الزنى نص عليه واختلفوا لم قدم فقال أبو إسحاق وجماعة لأنه حق آدمي وقال ابن أبي هريرة لأنه أخف والأول أصح عند الأصحاب وفيما يقدم من حد الشرب والقذف وجهان بناء على المعنيين ويجريان في حد الزنى وقصاص الطرف والإمهال بعد كل عقوبة إلى الاندمال على ما ذكرنا ولو كان الواجب بدل قتل الردة قتل قصاص فالقول في الترتيب والإمهال كذلك ولو اجتمع الرجم للزنى وقتل قصاص فهل يقتل رجماً بإذن الولي ليتأدى الحقان أم يسلم إلى الولي ليقتله قصاصاً وجهان أصحهما الثاني ولو كان الواجب قتل محاربة فهل يجب التفريق بين الحدود المقامة قبل القتل وجهان أحدهما لا لأنه متحتم القتل فلا معنى للإمهال بخلاف قتل الردة والقصاص فإنه يتوقع الإسلام والعفو وأصحهما نعم لأنه قد يموت بالموالاة فتفوت سائر الحدود ولو اجتمع قتل محاربة مع قصاص في غير محاربة نظر إن سبق قتل المحاربة قتل حداً ويعدل صاحب القصاص إلى الدية وإن سبق قتل القصاص خير الولي فيه فإن عفا قتل وصلب للمحاربة وإن اقتص عدل لقتل المحاربة إلى الدية وهل يصلب فيه الخلاف المذكور فيما إذا مات المحارب قبل قتله ولو سرق ثم قتل في المحاربة فهل يقطع للسرقة ويقتل للمحاربة أم يقتصر على القتل والصلب ويندرج حد السرقة في حد المحاربة وجهان‏.‏

فرع من زنى مراراً وهو بكر حد لها حداً وأحد وكذا لو سرق أو شرب مراراً وهل يقال تجب حدود ثم تعود إلى حد واحدة أم لا يجب إلا حد وتجعل الزنيات كالحركات في زنية واحدة ذكروا فيه احتمالين ولو زنى أو شرب فأقيم عليه الحد ثم زنى أو شرب أقيم عليه حد آخر فإن لم يبرأ من الأول أمهل حتى يبرأ ولو أقيم عليه بعض الحد فارتكب الجريمة ثانياً دخل الباقي في الحد الثاني وإذا زنى فجلد ثم زنى قبل التغريب جلد ثانياً وكفاه تغريب واحد ولو جلد خمسين فزنى ثانياً جلد مائة وغرب ودخل في المائة الخمسون الباقية ولو زنى وهو بكر ثم زنى قبل أن يحد وقد أحصن فهل يكتفى بالرجم ويدخل فيه الجلد أم يجمع بينهما وجهان أصحهما عند الإمام والغزالي الأول وأصحهما عند البغوي وغيره الثاني لاختلاف العقوبتين وعلى هذا فهل يجلد مائة ويغرب عاماً ثم يرجم أم يجلد ويرجم ويدخل التغريب في الرجم وجهان أصحهما الثاني ولو زنى عبد فعتق قبل الحد وزنى ثانياً فإن كان بكراً جلد مائة وغرب عاماً وإن كان محصناً جلد خمسين ثم رجم هكذا أطلقه البغوي ويشبه أن يكون على الخلاف فيمن زنى وهو بكر ثم زنى وهو محصن ولو زنى ذمي محصن ثم نقض العهد واسترق فزنى ثانياً ففي دخول الجلد في الرجم الوجهان قال البغوي الأصح المنع فيجلد خمسين ثم يرجم وإن قلنا بتغريب العبد ففي اندراج التغريب في الرجم الوجهان‏.‏

 فصل لا يثبت قطع الطريق إلا بشهادة رجلين

ويشترط في الشهادة التفصيل وتعيين قاطع الطريق ومن قتله أو أخذ ماله وتقاس صوره بما سبق في الشهادة على السرقة ولو شهد اثنان من الرفقة نظر إن لم يتعرضا لقصد المشهود عليه نفساً ومالاً قبلت شهادتهما وليس على القاضي أن يبحث عنهما هل هما من الرفقة أم لا فإن بحث فلهما أن لا يجيبا وإن لم يثبتا على الشهادة وإن قالا قطع هذا وهؤلاء علينا الطريق فأخذوا مالنا ومال رفقتنا لم تقبل شهادتهما في حق أنفسهما ولا في حق غيرهما وقيل في حق غيرهما قولان والمذهب الأول لأنهما صارا عدوين قال الماسرجسي وغيره لو شهد رجلان بوصية لهما فيها نصيب أو إشراف لم تقبل في شيء وإن قالا نشهد بها سوى ما يتعلق بنا من المال والإشراف قبلت شهادتهما‏.‏

 فصل يحسم موضع القطع من قاطع الطريق كما سبق في السارق

ويجوز أن تحسم اليد ثم تقطع الرجل وأن تقطعا جميعاً ثم تحسما قال العبادي في الرقم إن قلنا إن قتل قاطع الطريق يراعى فيه معنى القصاص لزمه الكفارة وإن قلنا حد محض فلا كفارة‏.‏

 باب حد شارب الخمر

شرب الخمر من كبائر المحرمات قال الأصحاب عصير العنب إذا اشتد وقذف بالزبد حرام بالإجماع وسواء قليلة وكثيرة ويفسق شاربه ويلزمه الحد ومن استحله كفر وعصير الرطب النيئ كعصير العنب النيئ كذا ذكره البغوي وطائفة وحكاه الروياني عن بعضهم واستغربه واختار كونه كسائر الأشربة‏.‏

أما سائر الأشربة المسكرة فهي في التحريم ووجوب الحد عندنا كعصير العنب لكن لا يكفر مستحلها لاختلاف العلماء فيها وذكر الأصحاب خلافاً في أن اسم الخمر هل يتناولها والأكثرون على المنع وكل شراب حكمنا بتحريمه فهو نجس وبيعه باطل وما لا يسكر من الأنبذة لا يحرم لكن يكره شرب المنصف والخليطين للحديث الناهي عنهما والمنصف ما عمل من تمر ورطب وشراب الخليطين ما عمل من بسر ورطب وقيل ما عمل من تمر وزبيب وسبب النهي أن الإسكار يسرع إليه بسبب الخلط قبل أن يتغير طعمه فيظن الشارب أنه ليس بمسكر ويكون مسكراً وهذا كالنهي عن الانتباذ في الأوعية التي كانوا ينبذون فيها كالدباء وهو القرع والحنتم وهو جرار خضر والنقير وهو جذع ينقر ويتخذ منه إناء والمزفت وهو المطلي بالزفت وهو القار ويقال له المقير لأن هذه الأوعية يشتد فيها ولا يعلم به بخلاف الأسقية من الأدم‏.‏

قلت والنهي عن هذه الأوعية منسوخ ثبت نسخه من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم والله أعلم‏.‏

وفي الباب طرفان‏:‏

 الطرف الأول في الشراب الموجب للحد

فكل ملتزم لتحريم المشروب شرب ما يسكر جنسه مختاراً بلا ضرورة ولا عذر لزمه الحد الأول الملتزم فلا حد على صبي ومجنون وحربي والمذهب أن الذمي لا يحد بالخمر وأن الحنفي يحد بشرب النبيذ وإن كان لا يعتقد تحريمه ويأتي في الشهادة إن شرب الحنفي النبيذ هل يفسق به وترد شهادته إن شاء الله تعالى‏.‏

الثاني قولنا شرب ما يسكر جنسه يخرج بلفظ الشرب ما لو احتقن أو استعط بالخمر فلا حد لأن الحد للزجر ولا حاجة فيه إلى الزجر وقيل يحد وقيل يحد في السعوط دون الحقنة والأول أصح ويتعلق بكون المشروب مسكراً في جنسه صور منها أنه يدخل فيه النبيذ ودردي الخمر والثخين منها إذا أكله بخبز أو ثرد فيها وأكل الثريد أو طبخ بها وأكل المرق فيحد بكل ذلك ولا يحد بأكل اللحم المطبوخ بها ولا بأكل خبز أو معجون عجن بها على الصحيح فيهما وعلى هذا قال الإمام من شرب كوز ماء فيه قطرات خمر والماء غالب لم يحد لاستهلاك الخمر‏.‏

الثالث كون الشارب مختاراً فلا حد على من أوجر قهراً والمذهب أنه لا يحد من أكره حتى شرب وذكر ابن كج فيه وجهين‏.‏

الرابع أن لا يكون مضطراً فلو غص بلقمة ولم يجد ما يسيغها غير الخمر وجب عليه إساغتها بالخمر ولا حد وحكى إبراهيم المروذي في تحريم الإساغة وجهين لعموم النهي والمذهب الأول وأما شربها للتداوي والعطش والجوع إذا لم يجد غيرها ففيه أوجه أصحها والمنصوص وقول الأكثرين لا يجوز لعموم النهي ولأن بعضها يدعو إلى بعض والثاني يجوز كما يجوز شرب البول والدم لذلك وكما يتداوى بالنجاسات كلحم الحية والسرطان والمعجون فيه خمر والثالث يجوز للتداوي دون العطش والجوع ورجحه الروياني والرابع عكسه لأن دفع العطش موثوق به في الحال وهذا هو الصحيح عند الإمام ونقل اتفاق الأصحاب على تحريم التداوي قال وبلغنا عن آحاد من المتأخرين نسب بجوازه من غير تدوين في كتاب والخامس يجوز للعطش دون الجوع لأنها تحرق كبد الجائع ثم الخلاف في التداوي مخصوص بالقليل الذي لا يسكر ويشترط خبر طبيب مسلم أو معرفة المتداوي إن عرف ويشترط أن لا يجد ما يقوم مقامها ويعتبر هذان الشرطان في تناول سائر الأعيان النجسة ولو قال الطبيب يتعجل بها الشفاء فالأصح أنه كرجاء الشفاء ثم قال القاضي حسين والغزالي لا حد على المتداوي وإن حكمنا بالتحريم لشبهة الخلاف وقال الإمام أطلق الأئمة المعتبرون أقوالهم في طرقهم أن التداوي حرام موجب للحد وإذا جوزنا الشرب للعطش لزمه الشرب كتناول الميتة للمضطر ولا حد وإذا لم نجوزه ففي الحد الخلاف كالتداوي‏.‏

الخامس أن لا يكون له عذر في الشرب فلو شرب قريب عهد بالإسلام وادعى جهل التحريم لم يحد فلو قال علمت التحريم وجهلت الحد وجب الحد ولو شرب خمراً وهو يظن أنه يشرب غير مسكر في جنسه فلا حد وإن سكر منه لم يلزمه قضاء الصلوات كالمغمى عليه وإن علم أنه من فرع إنما يجب الحد إذا ثبت الشرب بإقراره أو شهادة رجلين وفي تعليق الشيخ أبي حامد أنه يجب أيضاً إذا علمنا شربه المسكر بأن رأيناه شرب من شراب إناء شرب منه غيره فسكر وليكن هذا مبنياً على أن القاضي يقضي بعلمه ولا تعويل على النكهة وظهور الرائحة منها ولا على مشاهدة سكره وتقيئه الخمر لاحتمال غلط أو إكراه ثم صيغة المقر والشاهد إن كانت مفصلة بأن قال شربت الخمر أو شربت ما شرب منه غيري فسكر منه وأنا به عالم مختار وفصل الشاهد كذلك فذاك وإن قال شربت الخمر أو ما شربه غيري فشرب منه فسكر منه واقتصر عليه أو شهد اثنان أنه شرب الخمر من غير تعرض للعلم والاختيار فوجهان أحدهما لا حد لاحتمال الجهل والإكراه كما لا بد من التفصيل في الزنى وبهذا قال القاضي أبو حامد واختاره الإمام وأصحهما وأشهرهما وظاهر النص وبه قطع بعضهم يجب الحد لأن إضافة الشرب إليه حاصلة والأصل عدم الإكراه والظاهر من حال الآكل والشارب العلم بما يشربه وصار كالإقرار بالبيع والطلاق وغيرهما والشهادة عليها لا يشترط فيها تعرض للاختيار والعلم بخلاف الزنى فإنه يطلق على مقدماته وفي الحديث ‏"‏ العينان تزنيان ‏"‏‏.‏

كالبنج حرام لكن لا حد في تناوله ولو احتيج في قطع اليد المتآكلة إلى زوال عقله هل يجوز ذلك يخرج على الخلاف في التداوي بالخمر‏.‏

قلت الأصح الجواز وقد سبق في مسائل طلاق السكران ومن زال عقله ما يقتضي الجزم به ولو احتاج إلى دواء يزيل العقل لغرض صحيح جاز تناوله قطعاً كما سبق هناك والله أعلم‏.‏

الند المعجون بالخمر نجس قال ابن الصباغ ولا يجوز بيعه وكان ينبغي أن يجوز كالثوب النجس لإمكان تطهيره بنقعه في الماء ومن يتبخر به هل يتنجس فيه وجهان كدخان النجاسة‏.‏

 الطرف الثاني في الحد الواجب في الشرب

وهو أربعون جلدة على الحر وعشرون على الرقيق واختار ابن المنذر أنه ثمانون وهل يجوز أن يضرب بالأيدي والنعال وأطراف الثياب والسوط أم يتعين ما عدا السوط أم يتعين السوط فيه ثلاثة أوجه الصحيح الأول وهو جواز الجميع ولو رأى الإمام أن يبلغ به ثمانين أو ما بينها وبين الأربعين جاز على الأصح فعلى هذا هل الزيادة تعزير أم حد وجهان أصحهما عند الجمهور تعزير لأنها لو كانت حداً لم يجز تركها وتركها جائز فعلى هذا هو تعزيرات على أنواع من هذيان يصدر منه ونحوه والثاني أن الزيادة حد لأن التعزير لا يكون إلا على جناية مخففة ثم كان ينبغي أن لا ينحصر في ثمانين وتجوز الزيادة عليها وهي غير جائزة بالاتفاق وعلى هذا حد الشرب مخصوص بأن يتحتم بعضه ويتعلق بعضه باجتهاد الإمام‏.‏

 فصل في كيفية الجلد في الزنى والقذف والشرب

وهو بسوط معتدل الحجم بين القضيب والعصا وبه تعتبر الخشبات ولا يكون رطباً ولا شديد اليبوسة خفيفاً لا يؤلم ويضرب ضرباً بين ضربين فلا يرفع الضارب يده فوق رأسه بحيث يبدو بياض إبطه لأنه يشتد ألمه ولا يضع السوط عليه وضعاً فإنه لا يؤلم ولكن يرفع ذراعه ليكسب السوط ثقلاً فإن كان المجلود رقيق الجلد يدمى بالضرب الخفيف لم يبال به ويفرق السياط على الأعضاء ويتقي الوجه والمقاتل كثغرة النحر والفرج ونحوهما وهل يجتنب الرأس وجهان أصحهما عند الجمهور لا لأنه مستور بالشعر بخلاف الوجه ولا تشد يده بل تترك يداه ليتقي بهما ولا يلقى على وجهه ولا يمد ولا يجرد عن الثياب بل يترك عليه قميص أو قميصان ولا يترك عليه ما يمنع الألم من جبة محشوة وفروة ويجلد الرجل قائماً والمرأة جالسة وتلف أو تربط عليها ثيابها ويتولى لف ثيابها امرأة وأما الضرب فليس من شأن النساء فيتولاه رجل ويوالي بين الضربات ولا يجوز أن يفرق فيضرب في كل يوم سوطاً أو سوطين لأنه لا يحصل به إيلام وتنكيل وزجر ولو جلد في الزنى في يوم خمسين متوالية وفي يوم يليه خمسين كذلك أجزأ قال الإمام في ضبط التفريق إن كان بحيث لا يحصل من كل دفعة ألم له وقع كسوط أو سوطين في كل يوم لم يجز وإن كان يؤلم ويؤثر بماله وقع فإن لم يتخلل زمن يزول فيه الألم الأول كفى وإن تخلل لم يكف على الأصح‏.‏

فرع لا يقام حد الشرب في السكر بل يؤخر حتى يفيق‏.‏

فرع لا تقام الحدود في المسجد ولا التعزير فإن فعل وقع الموقع كالصلاة في أرض مغصوبة‏.‏